Facebook

ولادة في زمن الحرب

ولد محمد زلوم في الثاني من تشرين الثاني في مدينة الخليل. كانت حياته معرضة للخطر منذ البداية حيث عانت والدته إيناس من ولادة مبكرة في الأسبوع الخامس والعشرين من الحمل مما أدى الى ولادته بوزن 056 جرامًا فقط.

لم تكن الحاضنات، وهي ضرورية لبقائه على قيد الحياة، متاحة في الخليل. كان إنقاذ محمد أمرًا ضروريًا بالنسبة للوالدين، عدي (92 سنة) وإيناس (82 سنة)، اللذين عانا سابقاً إجهاضين بعد ولادة طفلتهما الأول، ريمين البالغة من العمر خمس سنوات.

بعد انتظار متوتر لأكثر من ساعة، علمت الأسرة أن حاضنة متاحة في مستشفى كاريتاس للأطفال في بيت لحم. على الفور، نقلت سيارة إسعاف، برفقة فريق طبي وعدي، محمد إلى المستشفى، تاركين إيناس وراءهم لمزيد من الرعاية الطبية.

في الظروف العادية، تستغرق الرحلة من الخليل إلى بيت لحم حوالي نصف ساعة بالسيارة. ولكن بعد اندلاع الحرب في السابع من تشرين أول، أعاقت العديد من الحواجز ونقاط التفتيش التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلية الحركة بشكل كبير في الضفة الغربية، حتى بالنسبة لسيارات الإسعاف. وبعد أن سلك الطاقم الطبي طرقًا بديلة غير ممهدة، تم إيقافه عند نقطة تفتيش حيث منع الجيش الإسرائيلي المرور وأصدر تهديدات.

بالنسبة لمحمد، كانت كل ثانية مهمة. إن العلاج المناسب في الوقت المناسب للأطفال الخدج أمر ضروري لتقليل المخاطر الصحية قصيرة المدى وتأخر التطور طويل المدى. لذا، بعد انتظار لأكثر من نصف ساعة، تم استدعاء سيارة إسعاف ثانية لاستقبال الطفل من الجانب الآخر من الحاجز ليحمل الطاقم الطبي محمد سيرًا على الأقدام، حريصين في نفس الوقت إمداده بالأكسجين يدويًا.

عند وصوله إلى مستشفى كاريتاس للأطفال، كان محمد في حالة حرجة وتم توصيله على الفور بجهاز تنفس صناعي، يوفر 001٪ من الأكسجين. رأت إيناس مولودها الجديد بعد ثلاثة أيام ووصفت مشاعرها عند اللقاء: «في اللحظة التي رأيته فيها، لمسته بإصبعي وأمسك به. علمت عندها أنه سيصبح صبيًا قويًا». وعلى الرغم من القيود المفروضة على الحركة، حضر الوالدان بشكل مستمر من الخليل إلى مستشفى كاريتاس للأطفال، مدركين أن وجودهما سيدعم تعافي محمد.

ونظرًا لخطورة حالته، ظل محمد على جهاز التنفس الصناعي لفترة أطول من المتوقع. كما عولج من القناة الشريانية السالكة، وهي حالة قلبية حيث يفشل أحد الأوعية الدموية في قلب الطفل في الانغلاق بعد الولادة. تحسنت حالة محمد تدريجيًا وانتقل إلى جهاز تنفس عادي، وفي النهاية أصبح يتنفس دون أي مساعدة خارجية.

ولدعم نمو الطفل، عملت ممرضة مختصة بانتظام معه على التحفيز الفموي الوجهي حتى يتمكن من الرضاعة. كانت إيناس، وهي أم إيجابية ومستنيرة، تقرأ باستمرار عن الولادة المبكرة وطرق مساعدة طفلها. وطلبت أن تقوم برعاية محمد بطريقة الكنغر (ملامسة الجلد بالجلد)، التي تُعرف أثرها على تحسين النتائج الصحية للأطفال الخدج ومن فرص بقائهم على قيد الحياة. كما ظلت ملتزمة بالرضاعة الطبيعية وضخ الحليب وإرساله إلى محمد كلما لزم.

بعد 341 يومًا، في 42 آذار 4202، خرج محمد من المستشفى بوزن 0643 جرامًا. وباستثناء حاجته للمزيد من العلاج في مركز طبي متخصص بأمراض العيون، كان الطفل بخير تمامًا. صرحت الدكتورة أمل، اختصاصية حديثي الولادة في مستشفى كاريتاس للأطفال: "إن القدرة على إعطاء محمد فرصة للعيش هي سبب عملنا".

كما أعربت الأسرة عن امتنانها الكبير لمستشفى كاريتاس للأطفال والفريق الطبي الذي رافق محمد طوال فترة علاجه. قال عدي: "أنا ممتن حقًا للرعاية الاستثنائية المقدمة هنا. يضع مستشفى كاريتاس للأطفال في المقام الأول رفاهية المريض. كنا دائمًا على اطلاع بحالة محمد ونشارك بشكل كامل في خطة العلاج".

أكدت إيناس التزامها بمواصلة البحث عن الرعاية الطبية لمحمد في مستشفى كاريتاس للأطفال في المستقبل. يزور الطفل المستشفى بانتظام لإجراء الفحوصات للتأكد من نموه السليم. كما تدربت إيناس من قبل فريق العلاج الطبيعي على تمارين خاصة تدعم تعافي محمد وتطوره الكامل.

وعندما سُئلت عن مخاوفها وآمالها بشأن محمد، أعربت إيناس عن قلقها إزاء تأثير الوضع السياسي على مستقبل أطفالها. فبسبب عيشها بجوار مستوطنة اسرائيلية غير قانونية، تواجه الأسرة مضايقات وقيودًا منتظمة في حياتها اليومية.

بالنسبة للفلسطينيين، فإن قصة محمد عادية وليست فريدة. ومع ذلك، فإن الأسر مثل أسرة زلوم عازمة على توفير أفضل مستقبل ممكن لأطفالها.