في غرفة المعيشة الصغيرة الملحقة لمطبخ بسيط، يستلقي وليد في سرير المستشفى القابل للتعديل. لم يكن الطفل البالغ من العمر تسع سنوات قادراً على المشي منذ أن كان في الرابعة من عمره، وهو الآن موصول بجهاز تنفس صناعي يقيد أي محاولات للحركة. يرتدي وليد قميصاً أحمر بأكمام قصيرة رغم برودة شهرشباط، كما توجد مروحة بجانب سريره جاهزة للتشغيل بناء على أوامره.
عاد وليد إلى منزله في قرية زعترة، شرق بيت لحم، في نيسان الماضي بعد أن أمضى سبعة أشهر في وحدة العناية المركزة في مستشفى كاريتاس للأطفال. قبل ذلك، كان الطفل يدخل بانتظام إلى المستشفى. هذا أمر طبيعي في حالته، حيث يعاني الطفل من خلل التنسج الفقاري الغضروفي، وهو مرض عظمي يتميز بمحدودية النمو بعد الولادة، ويرتبط بقصر الأطراف في مرحلة الطفولة المبكرة يتطورلاحقاً إلى قصر في الجذع.
أصبح وليد معتمداً على جهاز التنفس الصناعي في خريف 2022. وفقاً للدكتور هيثم عريقات، فإن أحد مضاعفات متلازمة وليد هو تضيق تحت المزمار أو مجرى التنفس لدى الطفل. في هذه الحالة، كان وضع الطفل على جهاز التنفس الصناعي هو الحل النهائي لإنقاذ حياته.
على الرغم من الرعاية الممتازة التي قدمها طاقم مستشفى كاريتاس للأطفال، إلا أن سهام، الأم البالغة من العمر 35 عاماً، شعرت بعدم الارتياح لبقائها في المستشفى بينما كان أبناؤها الخمسة الآخرون في المنزل مع والدهم. لذلك، كانت سعادة الأم غامرة عندما علمت أنه يمكن رعاية وليد في المنزل إذا تم تزويده بجهاز تنفس صناعي وقد أبدت سهام اهتماماً وحماساً كبيرين في تعلم مهارات التمريض وإعادة التأهيل أثناء وجودها في المستشفى حتى تكون مستعدة لرعاية وليد عند عودته إلى المنزل. فهي في النهاية امرأة ذكية ومتعلمة وحاصلة على درجة البكالوريوس في الرياضيات والفيزياء.
وبدعم من فريق الخدمات الاجتماعية، تمكنت الأسرة من جمع التبرعات من المجتمع المحلي لشراء الجهاز والعودة الى البيت في نيسان 2023. كل بضعة أسابيع، كان فريق مستشفى كاريتاس للأطفال، المكون من طبيب وممرضة وأخصائية اجتماعية وأخصائي علاج طبيعي، يزور وليد للاطمئنان عليه. أظهرت التقارير الطبية أن حالة وليد كانت مستقرة جداً، والأهم من ذلك أن الأم والطفل كانا أكثر ارتياحاً لعودتهما إلى المنزل.
بعد اشتعال الحرب في السابع من تشرين الأول، لم يتمكن فريق مستشفى كاريتاس للأطفال من الوصول إلى وليد بسبب نقاط التفتيش والقيود المفروضة على الحركة في الضفة الغربية. خلال هذه الفترة، كانت سهام تتواصل مع اختصاصي أمراض الرئة لدى الأطفال الدكتور رأفت علاوي كلما كانت لديها أسئلة حول صحة وليد.
في بداية شهر شباط، وبعد محاولتين فاشلتين، تمكن فريق المستشفى من زيارة وليد في منزله. كانت العائلة بأكملها هناك لاستقبال فريق الرعاية المنزلية، بما في ذلك سهام ومحمد، الأب الأربعيني الذي أصبح عاطلاً عن العمل منذ اندلاع الحرب. كان أطفال العائلة وأبناء الجيران أيضاً في المنزل، حيث لم تكن هناك مدرسة نظامية بعد الحرب. كان بعض الأطفال حول وليد بينما كان آخرون في الخارج يستمتعون بشمس الشتاء أو يتفقدون حيوانات المزرعة الخاصة بالأسرة.
لم يتمكن وليد من إخفاء ابتسامته عندما رأى فريق مستشفى كاريتاس للاطفال فهو يعرف كل واحد منهم. هناك الدكتور هيثم، الذي قضى ليلة كاملة ينقذ حياته عندما كان يعاني من صعوبة في التنفس. وكان هناك أيضاً بشارة، أخصائي العلاج الطبيعي، الذي استمتع وليد بمشاكسته. نحن نعلم الآن أن الصبي لا يستمتع بجلسات إعادة التأهيل، وبشخصيته الفكاهية والقوية، لم نتمكن من إقناعه بالحصول على واحدة.